شرح نص دع عنك لومي فإن اللوم إغراء

شرح نص دع عنك لومي فإن اللوم إغراء، يبحث عدد كبير من الطلبة عن شرح للنصوص التي تواجههم في مناهجهم الدراسية، واحد النصوص التي تم طلب شرحها هو شرح نص دع عنك لومي فإن اللوم إغراء، تابع المقال للحصول على الشرح.
شرح نص دع عنك لومي فإن اللوم إغراء
دعْ عنك لومي فإن اللوم إغراءُ
وداوِني بالتي كانت هي الداءُ
كان الشاعر يخاطب من يوبخه على شرب الخمر، فيقول: لا تلمني، فإن في لومك إغراء وتحفيز لأن أواصل شربها.
لم يطلب منه التوقف عن إلقاء اللوم عليه فحسب، بل طلب منه أن يجد له العلاج لهذا “المرض”.
والدواء هو الخمرة نفسها.
وهذا المعنى سبقه فيه الشا
عر الجاهلي الأعشى الكبير، إذ يقول:
وكأسٍ شربتُ على لذّة
وأخرى تداويتُ منها بها
إذن فالتداوي من “داء” الخمرة يكون بالخمرة.
ولا ننس مجنون ليلى وهو يقول:
تداويت من ليلى بليلى وحبِّها
كما يتداوى شارب الخمر بالخمر
إيليا حاوي يقول في تحليله لمطلع قصيدة أبي نواس:
“عندما نقرأ البيت الذي نظمه أبو نواس، نفهم المعنى، لكننا لا نفهم القصد، ولا يمكننا تمثيله ونسغه، حتى نفكر فيه ونفسره.
فكيف يكون اللوم، وكيف يتداوى الإنسان بدائه؟ ليس من السهل الإجابة على هذه الأسئلة ، لكنها تتطلب بعض التفكير والاستكشاف للأسباب البعيدة وراء النتائج الظاهرة ، والتي لا نشهدها في الشعر الخمري القديم.
والحقيقة أن العزوف عما يتوق إليه المرء يجعله أكثر حماسا للاستمتاع به، والشوق إليه يجمله ويبالغ في قيمته، فتشتد الرغبة في الحصول عليه والاستمتاع به، وهكذا نرى أبو نواس يحول المعنى الشائع القديم بتحويله إلى مبرر… ولعل هذا مظهر من مظاهر تأثير الفلسفة على الشعر العباسي”.
تحدثنا في مقال سابق وبشكل مفصل عن شرح قصيدة وتجلت لي عمان للصف السابع الفصل الدراسي الأول، فمن اجل معرفة كافة التفاصيل قم بقراءة المقال الى نهايته.
(إيليا حاوي: في النقد والأدب، ج3، ص 86.)
نلاحظ في كلمات أبي نواس تأثره بالبديع وميله إلى التأثير على القارئ بمعان مدهشة، يستحيل تحقيقها، فالبيت يقوم على الغرابة، بل يعتمد في الأصل على حقيقة نفسية.
ثم هناك إيقاع صوتي:
لومي- اللوم، داوني الداء، وكأن ذلك فيه حركة وصوت وحوار متخيَّل.
نجد المعنى نفسه في القصيدة الدُّريدية (مقصورة ابن دُرَيد ت. 837 م)، حيث يقول الشاعر عن الخمرة:
حينًا هي الداءُ وأحيانًا بها
من دائها -إذا يهيج- يُشتفى
أما عن اللوم والعذل فما أجمل قول ابن زُريق البغدادي (ت. 1029 م) بهذا المعنى:
لا تعذُليه فإن العذلَ يولعه
قد قلت حقًّا، ولكن ليس يسمعه
هذا المعنى تردد في شعر الشعراء:
يقول ابن قَلاقِس (ت. 1172 م):
فدعي الملامة في التصابي واعلمي
أن الملامة ربما تُغريني
ويشبه ذلك قول الناشئ الأصغر (ت. 975 م):
وأخاف إن عاتبته أغريته
فأرى له ترك العِتاب عتابا
وقبل ذلك قول حارثة بن بدر (ت. 64 هـ):
فلُمني فإن اللوم مما يزيدني
غرامًا بها إن الملامة قد تُغري
المعاني واحدة، وقد وردت بشعر الشعراء، لكن أبي نواس في رده على صديق له- هو شيخ المعتزلة إبراهيم بن النظام (ت. 777م) – وقد عاتبه على شربه الخمرة- كان يلخص لنا موقفين فلسفيين : اللوم إغراء، والدواء هو في الداء.